- ليس أمامنا جميعا إلا المصالحة الواعية والأخوية والملتزمة..!
- ........................؟
خلقت الشوارع والطرقات كي نمرّ فيها ومنها، ولعلنا نقف فيها قليلا.. نتسوق، نلهو، نستريح من عناء الطريق.قد نجلس فيها أو ننام على جوانبها، انتظارا لرحلة أخرى..لكن أن نجعلها مكانا للوقوف فمعنى ذلك هو أننا أصبحنا بدون طريق..
هنا وهناك ما يمكن قوله..
وفي بال الكاتب كثيرا..
وفي بال القارئ أكثر..
فحينما نكون مختلفين، ومتشظين، فإنه لا يسعفنا الوقوف ولا المسير..
فحتى نسير إلى أي هدف أو غاية، وطنية كانت أو قومية، إن بقي هناك قومية، فلا بدّ أن تكون خطواتنا منسجمة..
فحتى نسالم أو نحارب، لا بد أن نكون معا..
وإن لم نتفق، فالأفضل أن نتفق ثم نبدأ الطريق..
ولكن كيف نتفق ونحن مختلفون اختلافا عجيبا لا مبرر له!
لأن فيه من الشخصنة والفردية ربما ما يفوق الاختلاف الفئوي والأيديولوجي والسياسي!
- الأيديولوجي والسياسي؟
- هل تظنه ما زال قائما؟
- هذا ما يمكن قوله وفي البال كثيرا وفي بالك أكثر..
من أين نمسك طرف الحديث؟
ربما جاءت كلمات الشاعر لأغنية عبد الحليم حافظ "يا مالكا قلب" في سياق عاطفي، لكن الشعور هو الشعور:
جاء فيها: قل لي إلى أين المسير في ظلمة الدرب الطويل، طالت لياليه بنا والعمر لو تدري قصير..!
من يستمع لعبد الحليم اليوم من الجيل الجديد؟
ربما يحرّم آخرون الغناء..
من أين وحراك الشارع يحرّك الذهن، يستفزه، فأي فكر وأي شعور؟
وهل سنقضي المزيد من الوقت في الشوارع والساحات والميادين؟ وهل سيطول خطابنا لأنفسنا؟ وماذا أعددنا لوقت الحصاد؟ فللبيدر موسمه وهو قادم، وقديما قال الأجداد: عند الصلايب بحمرين الوجوه!
كل فرد، وجماعة ومجتمع بما ينتج، فمتى سننتج غير الكلام والخطب؟ أليس هناك متسع لصنع قميص؟ كيف نمضي وحدنا تاركين البذور..
ما الذي نريده فعلا؟ وكيف نريد تحقيقه في وقت واحد؟
أما الأسرى، فإن الداخل إلى المعتقلات أكثر من الخارج، هذا هو الوضع الراهن الذي لا يكون حله بما هو وقتي، بل الحل فيما هو استراتيجي. نحتاج لاختراق سياسي نحل من خلاله قضية الأسرى ونحن نتجه نحو قضيتنا التحررية.
لنا أن نتضامن بل واجب علينا الفعل، لكن بيت القصيد هو الأساس، نحتاج إلى عودة عقلانية للتفاوض الحقيقي، لا يمكن أن يظل الوضع على ما هو عليه..
ومفتاح التفاوض الفعل هو وحدتنا الوطنية وإنجاز المصالحة..
وإنجاز المصالحة يحتاج أن نتصالح مع أنفسنا...أي أن نعرف على أية أرض نقف ونمشي او نركض!
أن نعرف مقوماتنا وحدود فعلنا، وبنية النظام والسلطة..
هناك ما هو عادي، ومنه مطالب الموظفين بتحسين الرواتب..
وهناك ما عادي أيضا، وهو معاناتنا من البطالة، فهناك آخرون ليس لديهم أي دخل؟ فماذا هم صانعون؟
يتضامن المضرب عن العمل مع الأسير المضرب عن الطعام...فمن يتضامن معهم جميعا؟
وهذا ما هو غير عادي...
هذا الزمان وما المكان إلا من جنس زمانه، فهو المكان العادي والطبيعي، وهو المكان المتخيل والافتراضي والمقدس!
نحن بشر عاديون ولكن قضيتنا لم تعد عادية، لم تعد كذلك، فكيف إذن سنضيف إلى حياتنا من حياة!
فمن أين سنمسك طرف الحديث؟
ألجأ لأمنا الأرض، في ربيعها الحقيقي وأغني مع فريد الأطرش، هذا أمر زراعي.. وأمر فني، فأين الأمر السياسي؟
حديث عن الوضع الراهن والمصالحة والانتخابات والإضرابات والطريق المسدود للمفاوضات،
والعامل كيف يحافظ على عمله، والعاطل في بحثه عن العمل، والموظف في حساباته الشهرية كيف يخفف ديونه، الطالب والصانع والتاجر..؟ والعاشق؟
- ماذا قال الأجداد: عند الصلايب بحمرين الوجوه!
- يقال المثل عند الانتهاء من درس المحصول، فإن المجتهد يكون مشرق الوجه باسما..أما الكسول..فيكون خجولا من كسله!
في الاختلاف الفردي، والفئوي تطغى المصالح وهذا أمر عادي، غير العادي أن يستمرّ بهذه الوقاحة!
لماذا؟ لأننا إزاء قضية شعب..عارف شو يعني شعب!
تختلف مراكز القوى في هذه الجماعة، ويتبع كل ناس أفراد، فيختلف الأفراد..لكن شيخ أمراء مراكز القوى واحد!
لكنها لعبة السياسة!
وتختلف الجماعات والأحزاب والفصائل في البلد الواحد..لكن شيخها جميعا واحد..
والعدو- المحتل- يبرر بطء مسيره بانتظار أن نحسم أمورنا؟ ولسان حاله يقول مع من أتحدث!
أخيرا وصلت حماس إلى المربع السياسي الأول: المفاوضات مع إسرائيل.. وهو ما وصلت له منظمة التحرير منذ عقدين، فأين الفضيلة إذن؟!
حين فاوضت المنظمة، وأنجزت، وسارت في متابعة الإنجازات، فعلت حماس ما أعطى الاحتلال مبررا أن لا يستمر في الانسحابات..
وصلت المنظمة من خلال مشروع وطني، لكن وصول حماس يأتي ضمن سياق قد ينسف المشروع الوطني، فقد ترضى حبا بالحكم بما لم تقبل به المنظمة!
إذن؟ ليس أمامنا جميعا إلا المصالحة الواعية والأخوية والملتزمة..
وهذا ما يمكن قوله..
وقل لي إلى أين المسير في ظلمة الدرب الطويل، طالت لياليه بنا والعمر لو تدري قصير..!
لعلنا نعود إلى بداية الأغنية-القصيدة لنغنيها معا..
في ظلمة دربنا هذا واختلافنا العجيب!
قلي فالعمر قصير.. والوقت بدأ ينفد!
والأرض التي نقف عليه ..والطرقات..
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق